سورة الفرقان - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


قوله تعالى: {تبارك} قد شرحناه في [الأعراف: 54] والفُرقان: القرآن، سمي فُرقاناً، لأنه فُرق به بين الحق والباطل.
والمراد بعبده: محمد صلى الله عليه وسلم، {ليكونَ} فيه قولان:
أحدهما: أنه كناية عن عبده، قاله الجمهور.
والثاني: عن القرآن، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: {للعالَمِين} يعني الجن والإِنس {نذيراً} أي: مخوِّفاً من عذاب الله.
قوله تعالى: {فقدَّره تقديراً} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: سوَّاه وهيَّأه لما يصلح له، فلا خلل فيه ولا تفاوت.
والثاني: قَدَّر له ما يُصلحه ويُقيمه.
والثالث: قدَّر له تقديراً من الأجَل والرِّزق.
ثم ذكر ما صنعه المشركون، فقال: {واتَّخَذوا من دونه آلهة} يعني: الأصنام {لا يَخلُقون شيئاً وهم يُخلَقون} أي: وهي مخلوقة {ولا يَمْلِكون لأنفسهم ضَرّاً} أي: دَفْع ضرّ، ولا جَرّ نفع، لأنها جماد لا قُدرة لها، {ولا يَمْلِكون مَوْتاً} أي: لا تملك أن تُميت أحداً، ولا أن تحيي أحداً، ولا أن تبعث أحداً من الأموات؛ والمعنى: كيف يعبُدون ما هذه صفته، ويتركون عبادةَ من يقدر على ذلك كلِّه؟!


قوله تعالى: {وقال الذين كفروا} يعني: مشركي قريش؛ وقال مقاتل: هو قول النَّضْر بن الحارث من بني عبد الدار {إِنْ هذا} أي: ما هذا، يعنون القرآن {إِلا إِفك} أي: كذب {افتراه} أي: اختلقه من تلقاء نفسه {وأعانه عليه قوم آخَرون} قال مجاهد: يعنون اليهود؛ وقال مقاتل: أشاروا إلى عدّاس مولى حويطب، ويسار غلام عامر بن الحضرمي، وجبر مولى لعامر أيضاً، وكان الثلاثة من أهل الكتاب.
قوله تعالى: {فقد جاؤوا ظُلماً وزُوراً} قال الزجاج: المعنى: فقد جاؤوا بظلم وزور، فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب، والزُّور: الكذب. {وقالوا أساطير الأوَّلِين} المعنى: وقالوا: الذي جاء به أساطير الأولين؛ وقد بيَّنَّا ذلك في [الأنعام: 25]. قال المفسرون: والذي قال هذا هو النضر بن الحارث. ومعنى {اكْتَتَبَها} أَمر أن تُكْتَب له. وقرأ ابن مسعود، وإِبراهيم النخعي، وطلحة بن مصرف: {اكْتُتِبَها} برفع التاء الأولى وكسر الثانية، والابتداءُ على قراءتهم برفع الهمزة {فهي تُملَى عليه} أي: تُقرَأ عليه ليحفظها لا ليكتبها، لأنه لم يكن كاتباً. {بُكرة وأصيلاً} أي: غُدوة وعشيّاً {قل} لهم يا محمد: {أَنْزَلَه} يعني: القرآن {الذي يعلم السرَّ} أي لا يخفى عليه شئ {في السماوات والأرض}.


قوله تعالى: {وقالوا} يعني المشركين {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} أنكروا أن يكون الرسول بَشَراً يأكل الطعام ويمشي في الطُّرق كما يمشي سائر الناس يطلب المعيشة؛ والمعنى: أنه ليس بملَك ولا ملِك، لأن الملائكة لا تأكل، والملوك لا تتبذَّل في الأسواق، فعجبوا أن يكون مساوياً للبشر لا يتميَّز عليهم بشيء؛ وإِنما جعله الله بشراً ليكون مجانساً للذين أُرسل إِليهم، ولم يجعله ملِكاً يمتنع من المشي في الأسواق، لأن ذلك من فعل الجبابرة، ولأنه أُمر بدعائهم، فاحتاج أن يمشي بينهم.
قوله تعالى: {لولا أُنزل إِليه مَلَكٌ} وذلك أنهم قالوا له: سل ربك أن يبعث معك ملَكاً يصدِّقك ويجعل لك جِناناً وقصوراً وكنوزاً، فذلك قوله: {أو يُلقَى إِليه كَنْزٌ} أي: ينزل إِليه كنز من السماء {أو تكونُ له جَنَّة يأكُلُ منها} أي: بستان يأكل من ثماره. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر {يأكل منها} بالياء، يعنون النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وقرأ حمزة، والكسائي: {نأكل} بالنون، قال أبو علي: المعنى: يكون له علينا مزيِّة في الفضل بأكلنا من جنته. وباقي الآية مفسَّر في [بني إِسرائيل: 47].
قوله تعالى: {انظر} يا محمد {كيف ضَربوا لك الأمثال} حين مثَّلوك بالمسحور، وبالكاهن والمجنون والشاعر {فَضَلُّوا} بهذا عن الهدى {فلا يستطيعون سبيلاً} فيه قولان:
أحدهما: لا يستطيعون مَخرجاً من الأمثال التي ضربوها، قاله مجاهد، والمعنى: أنهم كذّبوا ولم يجدوا على قولهم حُجَّة وبرهاناً، وقال الفراء: لا يستطيعون في أمرك حيلة.
والثاني: سبيلاً إِلى الطاعة، قاله السدي.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7